أعاني هذه الأيام من مشكله مؤرقه .. وهي نفاد الصبر .. أعتقد أنني أحب الحياه بطريقه مشروطه .. بمعنى أنه يجب أن تمتليء حياتي بأمر ما في كل لحظه .. أحب تصور الهدف الذي أنا سائر فيه .. لا أفهم الأمر تماماً لذا لن أستطيع أن أفهمكم .. ولكن .. الإنسان يحتاج إلى وقت فراغ .. لكي يعيد تقييم ذاته ويفهم ماذا يفعل ولماذا يفعله؟.. لكي لا يكون مسير مثل البهائم في طريق لا يعرف إلى أين يؤدي .. وقت الفراغ هو الذي يحول العمل إلى إبداع ، والكلمه أو الشكل أو الصوت إلى فن .. وقت الفراغ هو ما يحقق للذهن صفاء يجعلنا قادرين على استخدامه مجدداً دون أن نجن .. وقت الفراغ هام للغايه .. كل هذا جميل ولكن المشكله انني لا احب وقت الفراغ .. اشعر دائماً أن هناك ما يحدث ويفوتني .. أريد دائماً أن أكون في موقع الحدث .. أن أملك دائماً إجابة السؤال الأبدي : ما الذي يحدث هناك؟.. هناك .. كم اود الذهاب إلى هناك .. هناك حيث الحياه لها هدف .. هناك حيث الإستمرار في الحياه هو غنائيه جميله أو طريق مزهر أو لوحه تخفي تفاصيلها عجائب مثيره .. هناك حيث الحياه ذاتها ليست محطة إنتظار شيء ما .. بل هي إستمرارية حدوث تلك الأشياء .. لماذا قدر على بعض البشر ان ينالوا حظهم من الاحداث الجيده على دفعات قليله متباعده للغايه تتخللها فترة إنتظار مرهقه بل ومهينه في الكثير من الأحيان؟؟؟.. كم اود الذهاب إلى هناك .. هناك حيث العجائب تتحقق وقصة الحب تكتمل .. هناك حيث التفاصيل أكثر إبهاجاً.. والمشكلات اليوميه الصغيره التافهه تصبح بلا وجود .. لا إجبار على أفعال يوميه تحتاجها وتكرهها في الآن ذاته .. لا تقدير مزدوج للأشخاص .. لا عبثيه في التصرف .. لا خطأ في تقدير الذات أو تقدير الآخرين .. كل شيء واضح بطريقه مريحه .. كل شيء نظيف أنيق مهذب على الصعيد النفسي والمادي .. هناك حيث تملك قرارك .. هناك حيث تكون حراً من صغائر القيود .. تلك الصغائر التي سرعان ما تشل حركتك في مختلف أمور الحياه .. ولكن السؤال المهم . هل كل من يحيا هناك .. إستحق الحياه هناك؟ .. وهل سأستحق الحياه هناك يوماً ما؟.. وهل يمكن أن أستحقها وعلى الرغم من ذلك لا أنتقل إلى هناك؟.. أحياناً يكون ورائي عدد من المهام اليوميه .. وبين كل مهمة وأخرى فترة فراغ طويله نوعاً .. ما يحدث أنني لا أقوم بأي من مهام اليوم .. لأن فترة الفراغ .. على ما فيها من تفاصيل قبيحه .. تجعلني أهبط بحماسي تجاه مهام اليوم .. بل تجاه الحياه في معظم الوقت .. ليس هناك أمر ثابت .. ليس هناك خط تختاره لحياتك وتسير عليه .. أو تعرفون لماذا؟.. لأن الخطوط مكلفه .. وتتطلب الكثير مما لا يتوفر لي .. حدثني عن إلتزام معين في ساعات العمل أو طريقه محدده لقضاء اليوم أو روتين ممتع من التحرك ولسوف أشعر أنني ولدت من جديد .. بدلاً من تلك العبثيه التي أحيا فيها .. وذلك الفراغ إلا من المشاكل .. إنني أحيا هنا .. هنا حيث لا يوجد طريق أسير عليه .. حيث لا يوجد نقطة إرتكاز أتحرك فوقها .. حيث لا توجد فرصه للتوقف وإلتقاط الأنفاس على الرغم من كل ذلك الفراغ المطلق .. هنا حيث التوقيت النهائي لكل حلم بعيد وقريب .. ولكنه ليس بعيد بصوره كافيه فأستعد له .. وليس قريب بصوره كافيه فأتصرف من أجله تصرفاً سريعاً .. بل هي مسافه مقلقه لا تسمح لك إلا بالنظر متوجساً .. إنني أحيا هنا حيث المشاهد لا تتبدل ولا تتغير .. إنني أحيا هنا حيث لا يفهم أحد الآخر .. وحيث الجميع ينظرون إلى داخل أنفسهم دون أن يعبأوا بك .. وعلى الرغم من ذلك يثقلون كاهلك بإشعارك أنك مركز أحداث حياتهم .. إني أحياً هنا حيث لا يتفهمك أحد .. وحيث الجميع يتحرك من أجله عبثه الخاص دون مراعاة لإنسانيتك .. إنني أحيا هنا حيث إختفت الرحمه إلا من التوافه .. إنني حيا هنا حيث الإزدواجيه لكل شيء .. للنفوس .. للمباديء .. للمشاعر .. للتصرفات .. للمعاني .. لكل شيء ..
بعض الإعترافات قد تكون قاسيه للغايه .. ولكن هذا المقال كان أقسى إعتراف على الإطلاق ..
بعض الإعترافات قد تكون قاسيه للغايه .. ولكن هذا المقال كان أقسى إعتراف على الإطلاق ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق