الأربعاء، 17 أغسطس 2011

مقدمه

تعود الى المنزل بعد منتصف الليل ، حاملا بيدك كيسا بلاستيكيا عليه شعار مطعم وجبات سريعه ، يحمل عنوان محلي غامض يوحي بالريبه في اللحوم التي يقدمها في وجباته ، مره يكون الطعام من ( التكيه ) او ( مطعم التركي) أو ( وصايه) ، تسير في شوارع ضيقه هربا من زحام المدينه و اضواءها وضجيجها الذي يستمر حتى الفجر ، زحام المدينه و اضواءها و سياراتها قد تكون مبهجه لمن تقوده اليها قدماه في زيارة عابره ، اما بالنسبه لمن يعرفون الحقيقه ، فإن هذه الاضواء و هذا الصجيج ما هو الا خليط من المآسي .. أدخل الى شارعي ، اترك خلفي ضجيج المدينه التي يبرز منها بالذات أصوات سيارات الاسعاف ، و انا في طريقي الى المنزل شاهدت حادثه قد يصفها البعض بالبشعه و لكني ارى ان بطل الحادث رجل محظوظ ، كان يركب موتوسيكل ، مرقت سياره بجواره ، توتر الرجل ، انحرف منه الموتوسيكل الى طرف الطريق و انقلب ، و اصطدمت جبهة الرجل بحافة الرصيف ، شاهدت الحادث بكامل تفاصيله و انا انتظر طاجن مكرونه بالشاورمه من عند مطعم صغير له رائحه كريهه إسمه بركه . تحلق الناس حول الرجل الذي بدا انه غاب عن الوعي في اغماءه قصيره افاق بعدها ليخبر من حوله و هو يتحدث بصعوبه و بعينين محملقتين في الفراغ ، و فم منفرجة شفتاه ، انه لا يعرف اين هو و لا ما جاء به الى هذا المكان .. حالة ارتجاج او فقدان للذاكره لا يهم .. المهم ان هناك رجل سوف ينام الليله و هو لا يذكر اي شيء عن احباطاته و مشاكله و اعداءه ، سوف ينام بضمير طفل صغير .. لكم احسده .
اواصل طريقي في شارعي ، بينما اصغي لوقع اقدامي على الاسفلت ، رأيت سيارة أحد الجيران تستعد للتحرك ، كان يجلس الرجل وراء مقود السياره و على المقعد الذي يجاوره تجلس زوجته ، حسنا .. هذا مشهد آخر يزعجني .. ان أرى إمرأه جميله شابه تسير او تجلس في سياره بجوار زوج نطع ، الرجال الانطاع تسهل معرفتهم ، لا يمكن ان يجتمع وجوم الوجه مع الشارب و مقدمة الرأس الصلعاء مع علامة صلاه مدبوغه على الجبين ، مع كرش ، مع عرق تحت الابطين ، الا و تعرف ان صاحب هذا الكيان خنزير غير جدير بذلك الطفل الصغير الجالس بجواره الذي يسميه ( المدام ) .. عندما أرى هذا المشهد ، أشعر أن الزوجه مختطفه أو مأسوره عند هذا النطع .. لاحت نظره مني الى داخل السياره فتقابلت عيناي مع عيني الزوجه الشابه ، شعرت انها تستغيث بي من هذا الخنزير ، او ربما هذا ما وددت أن تكون عيناها تقولانه .. آسف يا صغيرتي .. لن أستطيع ان اكون فارسك .. إن هي الا بضعة اعوام و لسوف تصبحي خنزيره مثله متبلدة الاحساس ، لايهمك منه سوى عضوه الذكري و امواله ..
أدلف الى بنايتي ، اصعد الى الطابق الخامس ، اضغط الجرس فتفتح أختي لي الباب ، تستقبلني والدتي بعبارات مؤنبه على اشياء لم افعلها في الغالب .. اخلع حذائي في منتصف الصاله ، أتوجه بقدمي المعروقه الى غرفتي .. اطوح بكيس الطعام على اقرب مقعد ، ابدأ تغيير ملابسي ، أسرح و انا عاري في منتصف عملية تبديل الملابس ، اتوجه الى النافذه ، افتحها على مصراعيها ، انظر الى الشارع من ارتفاع خمسة طوابق .. ارتفاع مميت بالتأكيد ، و لكنني عاري ، و انا اكره الجثث العاريه .. انها تجعل الامر مقززا اكثر مما هو عليه .. سوف افعلها الليله .. سوف افعلها ، و لكن ربما بعد ان ارتدي ملابسي .. فأنا كما قلت لك اكره الجثث العاريه .

هناك تعليقان (2):